فصل: عمال ابن عامر الثغور.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.عمال ابن عامر الثغور.

لما ولي ابن عامر على البصرة استعمل عبد الرحمن بن سمرة على سجستان فأتاها وعلى شرطتها عباد بن الحصين ومعه من الأشراف عمر بن عبيد الله بن معمر وغيره وكان أهل البلاد قد كفروا ففتح أكثرها حتى بلغ كابل وحاصرها أشهرا ونصب عليها المجانيق حتى ثلم سورها ولم يقدر المشركون على سد الثلمة وبات عباد بن الحسين عليها يطاعنهم إلى الصبح ثم خرجوا من الغد للقتال فهزمهم المسلمون ودخلوا البلدة عنوة ثم سار إلى نسف فملكها عنوة ثم إلى حسك فصالحه أهلها ثم إلى الرجح فقاتلوه وظفر بهم وفتحها ثم إلى زابلستان وهي غزنة وأعمالها ففتحها ثم عاد إلى كابل وقد نكث أهلها ففتحها واستعمل على ثغر الهند عبد الله بن سوار العبدي ويقال بل ولاه معاوية من قبلة فغزا التيعان فأصاب مغنما ووفد على معاوية وأهدى له من خيولها ثم عاد إلى غزوهم فاستنجدوا بالترك وقتلوه وكان كريما في الغاية يقال: لم يكن أحد يوقد النار في عسكره وسأل ذات ليلة عن نار رآها فقيل له خبيص يصنع لنفساء فأمر أن يطعم الناس الخبيص ثلاثة أيام واستعمل على خراسان قيس بن الهيثم فتغافل بالخراج والهدنة فولى مكانه عبد الله بن حاتم فخاف قيسا وأقبل فزاد ابن عامر غضبا لتضيعه الثغر وبعث مكانه من يشكر وقيل أسلم بن زرعة الكلابي ثم بعث عبد الله بن حازم وقيل: إن ابن حازم قال لابن عامر: إن قيسا لا ينهض بخراسان وأخاف إن لقي قيس حربا أن ينهزم ويفسد خراسان فاكتب لي عهدا إن عجز عن عدو قمت مقامه فكتب وخرجت خارجة من طخارستان فأشار ابن حازم عليه أن يتأخر حتى يجتمع عليه الناس فلما سار غير بعيد أخرج ابن حازم عهده وقام بأمر الناس وهزم العدو وبلغ الخبر إلى الإمصار فغضبت أصحاب قيس وقالوا خدع صاحبنا وشكوا إلى معاوية فاستقدمه فاعتذر فقبل منه وقال له أقم في الناس بعذرك ففعل وفي سنة ثلاث وأربعين توفي عمرو بن العاص بمصر فاستعمل معاوية مكانه عبد الله ابنه.

.عزل ابن عامر.

وكان حليما لينا للسفهاء فطرق البصرة الفساد من ذلك وقال له زياد جرد السيف فقال: لا أصلح الناس بفساد نفسي ثم بعث وفدا من البصرة إلى معاوية فوافقوا عنده وفد الكوفة ومنهم ابن الكوا وهو عبد الله بن أبي أوفى اليشكري فلما سألهم معاوية عن الأمصار أجابه ابن الكوا بعجز ابن عامر وضعفه فقال معاوية: تتكلم على أهل البصرة وهم حضور! وبلغ ذلك ابن عامر فغضب وولى على خراسان من أعداء ابن الكوا عبد الله بن أبي شيخ اليشكري أو طفيل بن عوف فسخر منه ابن الكوا لذلك وقال: وددت أنه ولى كل يشكري من أجل عداوتي ثم إن معاوية استقدم ابن عامر فقدم وأقام أياما فلما ودعه قال: إني سائلك ثلاثا قال: هن لك قال: ترد علي عملي ولا تغضب وتهب لي مالك بعرفة ودورك بمكة قال: قد فعلت قال: وصلتك رحم فقال ابن عامر: وإني سائلك ثلاثا ترد علي عملي بعرفة ولا تحاسب لي عاملا ولا تتبع لي أثرا وتنكحني إبنتك هندا قال: قد فعلت! ويقال: إن معاوية خيره بين أن يرده على إتباع أثره وحسابه بما سار إليه أو يعزله ويسوغه ما أصاب فاختار الثالثة فعزله وولى مكانه الحرث ابن عبد الله الأزدي.

.استخلاف زياد.

كانت سمية أم زيادة مولاة للحرث بن كندة الطيب وولدت عنده أبا بكرة ثم زوجها بمولى له وولدت زيادا وكان أبو سفيان قد ذهب إلى الطائف في بعض حاجاته فأصابها بنوع من أنكحة الجاهلية وولدت زيادا هذا ونسبه إلى أبي سفيان وأقر لها به إلا أنه كان بخفية ولما شب زياد بخفية ولما شب به النجابة واستكتبه أبو موسى الأشعري وهو على البصرة واستكفاه عمر في أمر فحسن منار دينه وحضر عنده يعلمه بما صنع فأبلغ ما شاء في الكلام فقال عمرو بن العاص وكان حاضرا لله هذا الغلام لو كان أبوه من قريش لساق العرب بعصاه قال أبو سفيان وعلي يسمع: والله إني لأعرف أباه ومن وضعه في رحم أمه فقال له علي: اسكت فلوسمع عمر هذا منك كان إليك سريعا ثم إستعمل علي زيادا على فارس فضبطها وكتب إليه معاوية يتهدده ويعرض له بولادة أبي سفيان إياه فقام في الناس فقال: عجبا لمعاوية يخوفني دين ابن عم الرسول في المهاجرين ولأنصار! وكتب إليه علي إني وليتك وأنا أراك أهلا وقد كان من أبي سفيان فلتة من آمال الباطل وكذبب النفس ولا توجب ميراثا ولا نسبا ومعاوية يأتي الإنسان من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فاحذر ثم احذر والسلام ولما قتل علي وصالح زياد معاوية وضع مصقلة بن هبيرة الشيباني على معاوية له بنسب أبي سفيان ففعل ورأى معاوية أن يستميله باستلحاقه فالتمس الشهادة بذلك ممن علم لحوق نسبه بأبي سفيان فشهد له رجال من أهل البصرة وألحقه وكان أكثر شيعة علي ينكرون ذلك وينقمونه على معاوية حتى أخوه أبو بكرة وكتب زياد إلى عائشة في بعض الأحيان من زياد بن أبي سفيان يستدعي جوابها بهذا النسب ليكون له حجة فكتبت إليه: من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها زياد وكان عبد الله بن عامر يبغض زيادا وقال يوما لبعض أصحابه: من عبد القيس؟! ابن سمية يقبح آثاري ويعترض عمالي لقد هممت بقسامة من قريش أن أبا سفيان لم يرسمية! فأخبر زياد بذلك فأخبر به معاوية فأمر حاجبه أن يرده من أقصى الأبواب وشكا ذلك إلى يزيد فركب معه فأدخله على معاوية فلما رآه قام من مجلسه ودخل إلى بيته فقال يزيد: نقعد في انتظاره فلم يزالا حتى عدا ابن عامر فيما كان منه من القول وقال: إني لا أتكثر بزياد من قلة ولا أتغزز به من ذلة ولكن عرفت حق الله فوضعه موضعه فخرج ابن عامر وترضى زيادا ورضى له معاوية.